وضعية إدماج
شكّلت مسألة تحويل المعارف لمدّة طويلة إحدى انشغالات الباحثين في علوم التربية. إنّ دور المدرسة لا يتمثّل في تدريس أشياء لمطالبة المتعلمين بعد ذلك بإرجاعها كما هي، بل يتعلّق الأمر بمساعدتهم على استعمال مكتسباتهم في وضعيات مدرسية أو غير مدرسية. في هذا الإطار تبرز أهمية الإدماج التي تسعى إلى التفكير في كيفيات اكتساب المعارف في القسم وفي نفس الوقت في مسألة تحويل هذه المعارف.
1. النشاط الإدماجي
النشاط الإدماجي هو نشاط تعلّمي، تتمثّل وظيفته الأساسية في جعل المتعلّم يجنّد مجموعة من المكتسبات (معارف، مهارات، مواقف) تحصل عليها في تعلمّات منفصلة. يتعلق الأمر إذن بفترات تعلّم تهدف إلى إدماج مكتسبات مختلفة وإعطائها معنى.
إنّ التحكّم في عناصر مشتتة لا يؤدي بالضرورة إلى إمكانية استعمالها في وضعيات، فمعرفة قواعد الاستعمال لا تعني شيئا دون الاستعمال والتوظيف.
يمكن أن تتخلل نشاطات الإدماج مختلف فترات التعلّم وخاصة عند نهاية بعض التعلّمات التي تشكل كلا ذا دلالة، و قد ترد في نشاطات قصيرة، يتم من خلالها استرجاع عدة مكتسبات في سياق ما، أو في نهاية التعلم حيث تكون أطول، وقد تمتد من ساعة واحدة إلى عدة أيام، على ألاّ تتحول إلى فترات للمراجعة التقليدية.
· أهمية النشاطات الإدماجية
إنّ تطوير كفاءة ما عند التلميذ يعني جعله قادرا على حلّ وضعية إشكالية ذات دلالة،
و ينبغي أن يتعلّم التلميذ حلّ هذا النوع من الوضعيات من خلال نشاط منظم لهذا الغرض، لأن إدماج عدة مكتسبات بصفة تلقائية ليس في متناول كل التلاميذ رغم أنهم يعرفون كل العناصر الضرورية للحل.
· مميزات النشاط الإدماجي
1. نشاط يرتكز على التلميذ إذ لا يمكن تصور نشاط إدماجي يقوم على المعلم، بحيث يستدعي تجنيد الموارد من قبل التلميذ بنفسه.
2. نشاط يجعل التلميذ يجند مجموعة من الموارد (معارف، سلوكات، مواقف)، ينبغي أن تكون متنوعة مع الحرص على أن يكون تجنيدها بشكل مترابط (façon articulée) وغير متراكم.
3. نشاط موجه نحو تحقيق كفاءة معينة.
4. نشاط مبني حول وضعية ذات دلالة مستوحاة من محيط التلميذ.
5. نشاط مبني حول وضعية جديدة.
ما يميز وضعية إدماج عن وضعية تعلم
وضعية تعلم
وضعية إدماج
- تشجع تعلّمات جديدة (معارف وسلوكات)
- يكون البحث عن الحل في أفواج.
- تعلّم جزئي : بعض المعارف والسلوكات جديدة.
- بناء الوضعية لغايات تعليمية.
- تسمح للتلميذ بتعلّم إدماج مكتسباته، والتّحقق من أنه كفء.
- يكون البحث عن الحل فرديا.
- تعلّم الإدماج: المعارف والسلوكات سبق للتلميذ تناولها في القسم.
- تكون الوضعية مركبة و قريبة من وضعية مألوفة أو مهنية.
*
بناء وضعية إدماج:
إن بناء وضعية إدماج يتمثل أساسا في اختيار صياغة (نص، تمثيل، جدول، تصميم...) يجد المتعلّم نفسه فيها أمام وضعية من الوضعيات التي تخص الكفاءة المستهدفة و يتم ذلك بإتباع الخطوات التالية:
ـ حصر الكفاءة المستهدفة.
ـ تحديد التعلمات التي نريد إدماجها (المعارف والسلوكات)
ـ اختيار وضعية ذات دلالة تعطي للمتعلم فرصة لإدماج ما نريد إدماجه فعليا.
ـ تحديد كيفية التنفيذ مع الحرص على أن يكون المتعلم في صلب النشاط و إبراز:
- ما يقوم به التلاميذ.
- ما يقوم به المعلم.
- الوسائل.
- التعليمات.
- تنظيم العمل داخل القسم.
- مراحل العمل.
3. مثال لوضعية إدماج
مثال1:
أراد المجلس الشعبي لإحدى البلديات أن يزود حيا جديدا بالماء الشروب.
يبعد الحي عن خزان الماء بـ .
يمكن الاختيار بين أنابيب طول كل منها بـ 200 دينارا للمتر الواحد و أنابيب طول كل منها بـ 250 دينارا للمتر الواحد.
وللطلاء المضاد للصدأ يمكن الاختيار بين علب سعة كل منها بـ 120 دينارا للعلبة الواحدة وعلب سعة كل منها بـ 250 دينارا للعلبة الواحدة.
ساعد رئيس المجلس على اختيار المواد الأقل كلفة.
مثال2:
جمع فلاج من الزيتون، يريد أن يحوّل هذا الزيتون إلى زيت.
للفلاح الاختيار بين معصرة تقليدية ومعصرة حديثة بحيث:
في المعصرة التقليدية يحصل على 20 لترا زيتا من كل زيتونا، مقابل منح صاحب المعصرة 5 سنتلترا زيتا لكل زيتونا.
وفي المعصرة الحديثة يحصل على 25 لترا زيتا من كل زيتونا، مقابل منح صاحب المعصرة 10 سنتلترا زيتا لكل زيتونا.
ساعد الفلاح على اختيار المعصرة الأكثر مردودية بالنسبة إليه.
4. أعمال الأفواج:
التعليمة: استعن بوثيقة البرنامج و الوثيقة المرافقة له لبناء وضعية إدماج